الأحد، 6 سبتمبر 2009

قانون الإنتخاب في الكويت..!!


قانون الإنتخاب


اولا: التصوير العام لنظام الحكم امتثالا لقوله تعالى- وشاورهم في الامر-، واستشرافا لمكانة من كرمهم في كتابه العزيز بقوله - وأمرهم شورى بينهم -، وتأسيا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في المشورة والعدل، ومتابعة لركب تراثنا الاسلامي في بناء المجتمع وارساء قواعد الحكم، وبرغبة واعية في الاستجابة لسنة التطور والافادة من مستحدثات الفكر الانساني وعظات التجارب الدستورية في الدول الاخرى... بهدى ذلك كله، وبوحي هذه المعاني جميعا، وضع دستور دولة الكويت. ولقد تلاقت هذه الاضواء وتلك المعاني المتكاملة عند أصل جوهري في بناء العهد الجديد، قام بمثابة العمود الفقري لهذا الدستور، وهو الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره . فلقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون، بروح الاسرة تربط بينهم كافة، حكاما ومحكومين. ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الاصالة العربية، ما خلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الاخرى من اوضاع مبتدعة ومراسم شكلية باعدت بين حاكم ومحكوم. ومن هنا جاء الحرص في الدستور الكويتي على ان يظل رئيس الدولة ابا لأبناء هذا الوطن جميعا، فنص ابتداء على ان عرش الامارة وراثي في اسرة المغفور له مبارك الصباح (مادة 4)، ثم نأى بالامير عن أي مساءلة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تمس (مادة 54) كما ابعد عنه مسببات التبعة وذلك بالنص على ان رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه(مادة 55) وهم المسؤولون عن الحكم امامه (مادة58) وامام مجلس الامة (المادتان 101 و 102). وتنبثق عن هذا الاصل الجوهري في الحكم الدستوري امور فرعية متعددة اهمها ما يلي : (1) - يلزم اصدار القانون المبين لاحكام وراثة العرش في اقرب فرصة لانه ذو صفة دستورية، فيعتبر بمجرد صدوره جزءا متمما للدستور فلا يعدل الا بالطريقة المقررة لتعديل هذا الدستور. وقد التزمت المادة الرابعة هذا النهج، حتى لا تنوء الوثيقة الدستورية الاصلية بتفاصيل احكام هذه الوراثة ، وحتى تتاح دراسة هذه الاحكام التفصيلية الدقيقة في سعة من الوقت وروية من التفكير. لذلك نصت المادة المذكورة على ان يصدر القانون المنوه عنه خلال سنة من تاريخ العمل بالدستور، واكتفت ببيان اسلوب الوراثة واهم شروط ولي العهد. (2) - يقتضي مبدأ ممارسة الامير لسلطاته الدستورية بواسطة وزرائه ، حلول المراسيم الاميرية محل الاوامر الاميرية ، ولكن ترد على هذا المبدأ استثناءات ثلاثة ، اولها اختيار ولي العهد بناء على مبايعة مجلس الامة (مادة 4)، وثانيها لا يمارس بطبيعته الا بامر اميري وهو تعيين رئيس الوزراة واعفاءه من منصبه (مادة 56)، وثالثها وثيق الصلة بالامير وهو اختيار نائبت عنه يمارس مؤقتاً، في حالة تغيبه خارج الامارة وتعذر نيابة ولي العد عنه ، كل او بعض صلاحياته الدستورية (مادة 61). وفيما عدا هذه الامور الثلاثة يكون المرسوم هو الاداة الدستورية لممارسة السلطات الاميرية المقررة بالدستور، وقد حرصت بعض نصوص الدستور (كالمواد 66 و 68 و 69) على ذكر كلمة - بمرسوم - وذلك توكيداً للحكم المنوه عنه وبرغم كفاية نص المادة 55 في الدلالة عليه ، ومن ثم لا يفيد عدم ذكر هذه الكلمة في سائر النصوص أي شك في سريان حكم المادة 55 عليها كاملا غير منقوص. (3) - اقتضى الحرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم ان يتلمس الدستور في النظام الديمقراطي الذي تبناه طريقا وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف اكبر نحو اولهما لما هو مقرر اصلا من ان النظام الرئاسي انما يكون في الجمهوريات، وان مناط قيامه كون رئيس الدولة منتخباً من الشعب لبضع سنوات ومسئولا امامه بل وامام ممثليه على نحو خاص. كما اريد بهذا الانعطاف الا يفقد الحكم طابعه الشعبي في الراقبة البرلمانية او يجافي تراثنا التقليدي في الشورى وفي التعقيب السريع على اسلوب الحكم وتصرفات الحاكمين. وليس يخفى ان الرأي ان تراخى والمشروة ان تأخرت، فقدا في الغالب اثرهما ، وفات دورهما في توجيه الحكم والادارة على السواء. على ان هذه الفضائل البرلمانية لم تنس الدستور عيوب النظام البرلماني التي كشفت عنها التجارب الدستورية ، ولم تحجب عن نظره ميزة الاستقرار التي يعتز بها النظام الرئاسي. ولعل بيت الداء في علة النظام البرلماني في العالم يكمن في المسؤولية الوزارية التضامنية امام البرلمان، فهذه المسئولية هي التي يخشى ان تجعل من الحكم قانون الإنتخاب والتعديلات التي تمت عليه نحن عبد الله السالم الصباح امير دولة الكويت بعد الاطلاع على المواد 80 و 182 و 183 من الدستور. وافق المجلس التأسيسي على القانون الآتي نصه، وقد صدقنا عليه واصدرناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق